لم أسمع شيئًا
عند بابمبنى أسقفية الفيوم القديم سأل الأب الكاهن عن أبيه الأسقف نيافة الأنبا أبرآم،فقيل له أنه جالس على الأريكة كعادته فدخل إليه.
إذ رآه الأب الأسقفهمّ عليه مسرعًا في بشاشة ليحتضنه ويقبّله، ثم سأله عن أخباره، فتنهد الأب الكاهن بمرارة وقال: لم أنم الليل كله يا أبي لأسقف.
-
لماذا؟بسببزميلي الكاهن.
هنا صمت الأب الأسقف دون أن تظهر على وجهه أية ملامح، لكن الكاهناسترسل في الحديث عن زميله الكاهن. وإذ طال الحديث جدًا والكاهن يشكو زميله استدعىالأنبا أبرآم أحد العاملين في الأسقفية يدعى رزق، وسأله أن يهيئ له فنجان قهوة.
شرب الكاهن الفنجان واسترسل أيضًا في الحديث، وإذ أطال عاد نيافته فطلب للكاهنفنجانًا آخر.
عاد الأب الكاهن يتحدث في مرارة، والأسقف لا ينطق ببنت شفة ولاظهرت أيّة علامة تعبر عن شيء كانعكاس لما يسمعه. وأخيرًا ختم الكاهن حديثة هكذا: "لقد أطلت الحديث عليك يا أبي الأسقف لكنك لم تجبني بكلمة ولا أرشدتني ماذا أفعل". عندئذ تطلع إليه الأب الأسقف وهو يقول: "سأطلب لك فنجان قهوة يزن عقلك... صدقني إنيلم أسمع شيئًا من كل ما قلته".
خجل الكاهن جدًا من نفسه واعتذر عما صدر منه منشكوى ضد الكاهن زميله، طالبًا منه أن يصلي من أجله حتى يقدر أن يضبط لسانه بل وفكرهفلا يدين أحدًا، انحنى برأسه يعتذر عما قاله، سائلاً الأب الأسقف أن يصلي من أجلهلكي يعطيه الرب حلاً عن خطاياه.
خرج الأب الكاهن من حضرة أبيه الأسقف ليجدأمامه زميله الكاهن فاحتضنه وقبَّله ناسيًا كل ما صدر منه.
عاد الكاهن إلى الأبالأسقف وأسرع بعد فترة ليست بطويلة فسأله الأسقف عن حال زميله، فأجاب الكاهن أن كلالأمور تسير بخير وأنه يشعر بأن زميله الذي كان قبلاً يراه كمُضايق له قد صارلطيفًا معه للغاية، بل ويشعر أنه غير مستحق لزمالته ونوال بركته، وكان الكاهن يمتدحزميله جدًا، ففرح به الأسقف، وتطلع إليه ببشاشة وهو يقول له: "أسرع إلى الكنيسةواشترك في صلاة القداس الإلهي".
خرج الأب الكاهن من حضرة أبيه الأسقف وأسرع إلىالكنيسة حيث اشترك مع الآباء الحاضرين في القداس، وكان متهللاً جدًا، يشعر بلذةروحية فائقة، وكانت نفسه كأنها منطلقة في السموات عينها.
انتهى القداس الإلهيبسرعة عجيبة، وانطلق الكاهن يحمل "قربانة حمل" نحو الباب الخارجي، ففوجئ به مغلقًا. أخذ الكاهن يقرع باب الكنيسة حتى فتح له الفراش وهو مندهش.
-
كيف دخلت يا أبيالكنيسة؟
-
كان الباب مفتوحًا.
-
أنا لم أفتحه بعد.
-
كيف هذا؟ فإننياشتركت مع بعض الآباء في خدمة القداس الإلهي.
-
أي قداس؟
-
القداس الإلهي.
-
لم يُقم اليوم قداس إلهي.
-
أقول لك أنني اشتركت في الصلاة بنفسي، وها هي "قربانة الحمل".
عندئذ أدرك الأب أنه إنما كان يصلي القداس الإلهي مشتركًا معجماعة من الآباء السواح مكافأة له عن تركه إدانة أخيه الكاهن واتساع قلبه بالحب.
+ ليصمت لساني عن الإدانة،فيرفع قلبي وفكري إلى سمواتك،
+ ليتني لا انشغل بضعفات الآخرين،فأتمتع بشركة السمائيين!
+ هب ليألا أدين أحدًا،فأهرب من الدينونة الأبدية